فضاء حر

بعد انسداد افق بناء الدولة المدنية وفق مخرجات العملية السياسية القائمة ” انشاء كتلة وطنية جديدة. ضرورة ملحة “

يمنات
حين تتعثر النخبة السياسية والمكونات الحزبية في تحقيق عمليه التحول السياسي والمجتمعي والدفع بمسار المحددات والمعطيات الواقعية نحو الاصلاح والمستقبل المنشود كما هو واقعنا اليوم في اليمن, فان العملية السياسية برمتها تصبح منفصله عن الحاجات الحقيقية والمطالب الملحة للجماهير .
وكذلك تصبح النخبة السياسية التي تتشارك ادوات اداره منظومة هذه العملية هي الاخرى معزولة عن السياقات التي تفرضها التزامات المسئولية الوطنية المنبثقة من الاطر المجتمعية والحاجة الملحة لإنجاز التحول والتغيير..
لان انسداد الافق السياسي لمشروع الدولة الحديثة في ظل ادراك اللاعبين السياسيين بعجزهم عن القيام بالتزامات المرحلة ضمن الادوات القائمة والمساحات المتاحة معناه ان النخبة السياسية والحزبية صارت وفقا لمراكزها وادوارها المتعددة جزءا اساسيا من المشكلة وطرفا سلبيا معطوبا يفرز من خلال مخرجات مجمل الأداء السياسي ارهاصات جديده تزيد الوضع تعقيدا وتفاقما وتعيق امكانية انتاج اي حلول من خارج دائرة الاستلاب السياسي الراهن .
في مثل هكذا حال فإن انجاز عمليه التحول السياسي المنتظمة في سياقات تودي الي التأسيس لبنا الدولة المدنية الحديثة لا يمكن ان يتم بواسطه النخبة السياسية والحزبية الحالية وعبر الادوات التي تديرها وتتحكم بها هذه النخبة لانهم جز من الازمه…انما لابد ان تكون الحلول من خارج هذه النخبة وبأدوات جديده غير الادوات القائمة … لكن السؤال الاهم هو كيف يمكن ان تصنع الحلول بغير الادوات السياسية القائمة.؟ واي طرف اخر يمكن ان يقوم بذلك ..؟ وماهي تلك الادوات الجديدة ..؟؟
المعروف انه عندما يكون الفساد والاطراف المنتفعة منه هو المسيطر علي معطيات الواقع والمتحكم بالوضع والمحتكر لأدوات صنع التحول السياسي التقليدية ان الحال هو ان نخبه طفيليه هرميه قليله تتبنى عمليه الفساد وتشرعن له عبر تأطيره ضمن المصالح الاقتصادية والرأسمالي المتحكم وتوثيق علائقه مع المنظومة الاجتماعية ونسيجها الثقافي . وبالتالي تكون هناك نخبه قليله العدد تتحكم بمصائر البلاد والعباد وتدعم ديمومتها في احتكار السلطة والثروة من خلال جعل المنظومة الاقتصادية والاجتماعية اطارا حاضن ومساند لها مقابل تعزيز أطر الشراكة في الفساد مع اطراف محدودة نافذه في تلك المنظومة المساندة له والمسنودة هي الأخرى به … الامر الذي يعني معه حتما في مثل هكذا حال وجود شخصيات وطنيه كثيره جدا( سياسيه0 اقتصاديه- مجتمعية. ثقافية ..مهنية -شبابية. …الخ) تمتلك الكفاءة والاقتدار والتمكن في القيام بمهام المسؤوليات الوطنية تجاه البلاد وكذلك سيكون هناك حتما طاقات وطنيه جماهيرية خلاقة ومجاميع فئوية ابداعيه متمكنة …
هذا الطاقات والشخصيات والقطاعات الجماهيرية الوطنية المتعددة هي الطرف الثالث الذي يمكنه أن يقود عملية التغيير الحقيقية لأنها بكل مكوناتها وشرائحها هي التي تشكل الضمير الوطني الجمعي وهي الملتحمة بالحاجات الجماهيرية والشعبية الملحة والمعايشة يوميا لواقع المعاناة التي يكابدها الوطن والمواطن ..لذلك ففي وسع هذه المكونات مجتمعه وفي سبيل القضاء علي النخبة الفاسدة ان تشكل طرفا ثالثا يمكنه ان يعيد صياغه المعادلة ويقود عمليه تغيير حقيقيه تتمثل فيها مصالحه واهدافه الوطنية الكبرى .وهذا الطرف الثالث هو ما اسماه المفكر العالمي (روجيه غارودي ) ب الكتلة ) ..
او ما يعرف في أدبيات الفكر السياسي العربي المعاصر ب( الفئه الصامتة) /// لكن كيف يمكن لهذه الكتلة ان تنهض بمهام ومسئوليات التغيير في الوقت الذي تسيطر فيه نخبة الفساد علي السلطة والثروة وعلي ادوات وأدوار الدولة والمجتمع ( الجيش – الامن – الاعلام – المؤسسات …الخ )) إضافة الى تعقيدٍ آخرٍ وهو ان القوى والمكونات السياسية التي يمكن ان نصنفها في واقعنا اليمني بانها الطرف الثاني في المعادلة والتي فشلت في اداره عمليه التغيير والتحول هي في غالبيتها تتشارك مع الطرف الاول في منظومه الفساد بل انها جزء نسيجي وبنيوي من الفساد ذاته وجزء اساسي من مجموعه الاسباب التي تعيق انجار عمليه التغيير وبنا الدولة المدنية كما اشرنا سابقا .
ان هذه التعقيدات والتعقيدات المضافة ..مهما استفحلت فإنها في نهاية المطاف لا يمكن ان تحول دون امكانيه – الكتلة – من استعاده زمام المبادرة وقياده عمليه تحول حقيقي طالما وهذه الكتلة هي التي تعبر عن مجموع الكل الوطني والحاملة للأهداف الجماهيرية الكبرى .. فلكي تتجاوز هذه الكتلة كل تلك التعقيدات وتتمكن من اعاده صياغه معادله واقع جديد فانه يتعين اولا ان تبلور نخبه سياسيه آتيه من اوساط تلك الكتلة تقوم برسم واعداد رؤيه وطنيه واضحه المعالم تنتظم فيها تطلعات الشعب واهدافه الوطنية والمصالح الاقتصادية لقطاعات راسل المال الوطني النظيف الذي لم يولد ويتكاثر من رحم منظومه الفساد فحين تلامس هذه الرؤية والاهداف المنتظمة بها معاناه الناس والجماهير فإنها ستستطيع خلق الادوات الجديدة المغايرة .
ثم تشرع بعد ذلك في رصد وتحديد الوسائل الادوات الجديدة التي ستعتمد عليها في خلخله انساق القوي التقليدية المتحكمة شريطه ان تكون تلك الأدوات- سلميه مدنيه – او بالمعني الدقيق الا تكون نفس الادوات التي تتحكم بإدارتها القوي التقليدية المتغولة ..
انما ادوات منبثقه من الوسط الجماهيري ( مظاهرات – اعتصامات – اضرابات – عصيان مدني – ادوات اعلاميه ..فعاليات جماهيرية اخري .. انشطه توعويه وفعالية مسانده تنفذها مكونات المجتمع المدني …..الخ)) وهذه الادوات والوسائل المدنية والسلمية اصبحت اليوم قابله للتكون والتبلور والجهوزية التامة الأتية من حجم حاله السخط الشعبي علي معطيات الواقع وتدني المنظومة الخدمية وغياب الامن وشلل الدولة شبه التام وتفاقم حالة المعاناة المضطردة للمواطن اليمني ..اضافه الي تهافت اطراف العملية السياسية الحاليين ( احزاب وجماعات ومكونات ) على تقاسم السلطة والوظيفة ومؤسسات الدولة والولوج بالفساد تحت مظلة الثورة و التوافق الوطني اللاوطني .. كل ذلك وبطرق فاضحه واساليب قبيحة تكشف عدم صلاحيه هذه القوي المتطفلة علي السلطة اولا والثورة ثانيا لان تحمل اي مشروع وطني .. هذه العوامل مجتمعه كفيله في توليد حيوية مستعرة في عمل ونجاعة الادوات الشعبية المدنية السلمية الجديدة المشار اليها ..خاصه وان حال المواطن اليوم اكثر ازدرا ممن كان عليه قبل اندلاع الثورة الشبابية المغدورة في ربيع 2011م ….
وهذه الأدوات الجماهيرية الجديدة التي ستوظف في اطار مشروع تغيير واضح المعالم والاهداف إبتداءا ستعمل بطبيعتها علي تعطيل الادوات التقليدية التي تتحكم بها نخبة الفساد المتسلطة ( الجيش – قوات الشرطة – ادوات الدولة …الخ ) كما ستعمل في ذات الوقت علي خلخلة انساق المنظومة الاجتماعية والاقتصادية المساندة للقوا المفسدة والمتسلطة وبوتيرة متسارعة لان تلك المنظومة ليست اكثر من اطراف معدودة هي بطبيعتها القائمة حاله طفيليه تعيش علي حساب حقوق افرادها من ابنا الشعب وتقايض بسلطته في تقرير مصيره ..
وبالتالي ستتهاوى أركان القوي الاستبدادية المتوغلة وتحل الكتلة محلها لقيادة عميله تغيير حقيقي كل الأمور باتت مسانده له ….صحيح ان المسئلة ليست بالبساطة التي قد يوحي بها سياق هذا المقال .. ولكن كل معطيات ومقومات نشوء هذه الكتلة باتت مواتيه اكثر من اي وقت مضي في حياه هذا الشعب وادواتها صارت قابله للتخلق والجهوزية ان حسن الاعداد والترتيب لمثل هذه المحددات والمعطيات السابقة .
وفي الأخير فإن بداية الخطوات الأولي اللازمة لإيجاد طرف ثالث في المعادلة يقود مهام المرحلة يقع على عاتق النخبة اليمنية التي ليست مندرجه ضمن اطار اطراف العملية السياسية الاستلابية التدميرية القائمة اليوم وعلى وجه الخصوص الشخصيات السياسية الوطنية النظيفة والمكونات المهنية والشبابية والقطاعات الاقتصادية لراس المال الوطني النظيف….

زر الذهاب إلى الأعلى